المهارات الوالدية - الحفاظ على الصحة النفسية لأطفالنا في عصر التكنولوجيا

الكاتب: رملة جمعه الموالي
عن الكاتب: باحث اجتماعي
التصنيف: تنمية الطفل

إن أحد أهم المواضيع التي تشغلنا اليوم  كآباء ومربين هو الحفاظ على الصحة النفسية لأبنائنا في عصر التكنولوجيا الحديثة حيث وجدنا أنفسنا أمام واقع سريع التغير، ولم تكن مهمتنا في التنشئة الأسرية سهلةً في يومٍ ما، ولكن التحديات أصبحت أكبر في أيامنا هذه، ولم يعد هناك من شك في أن الفضاء الواسع المفتوح الذي أوجدته وسائل الاتصال الحديثة وبرامج التواصل الاجتماعي بأشكالها المتنوعة  قد أثر في قدرتنا كمربين في بناء السلوك الصحي لأبنائنا.

وقد بدأنا كباحثين اجتماعيين في المجال الصحي نتعامل مع نوعيات جديدة من المشكلات التي تؤثر على صحة الأطفال النفسية وتوافقهم الاجتماعي، فقد زادت مؤخرا شكاوي الآباء والأمهات من عزوف أولادهم عن اللعب خارج المنزل وتفضيلهم ألعاب الفيديو المتصلة بالانترنت، وتطور الأمر الى حد تشخيص بعض الأطفال بالإدمان على استخدام الأجهزة الالكترونية والذي أثر بشكل مباشر على عادات النوم والأكل والنشاط البدني والترفيه .

 كما ازدادت مؤخرا المشكلات المرتبطة بعدم النضج في السلوك كالنشاط الزائد وسوء استغلال الوقت والاعتمادية الزائدة، وارتفعت حالات العنف بأشكاله المختلفة ومنها على سبيل المثال مشكلات التحرش الجنسي والتنمر المدرسي والالكتروني، وهذا أدى بدوره إلى زيادة الحالات المرتبطة بسوء التكيف وعدم الشعور بالأمن كالخوف والقلق والاكتئاب والحساسية الزائدة للنقد.

وأمام هذه التحديات الجديدة التي تواجهنا كمربين، نحتاج اليوم أكثر من أي وقت للعمل على تنمية مهاراتنا الوالدية لتقديم الرعاية المناسبة لأطفالنا والتعامل بكفاءة مع أي مشكلات قد تعترض طريقهم في الحياة، وفيما يلي بعض الطرق التي تساعدنا كآباء وأمهات لتنشئة اطفال أكثر نضجا وصحة وسعادة :

1- التعبير عن الحب، أن تظهر المزيد من الحب في وقت نوعي وبدون شروط.

ان قضاء وقت طويل مع الأطفال ليس معيارا لتقديم الحب، من الممكن أن نقضي أوقات أقل مع حب أكثر واتصال أعمق وهذا ما يسمى بالوقت نوعي، فالتركيز على  تبادل الحديث والمشاركة في القيام بأنشطة محببة وخلق جو من المرح والتحدث عمَا يجري خلال اليوم لهو مصدر مهم من مصادر تغذية الشعور بالحب والقبول، لهذا استخدم كل لغات الحب لتظهرلأطفالك كم أنت تحبهم، قدم لهم الحب بالكلمات والاحتضان والقبلات فالشعور بالحب يجعلهم يشعرون بالأمان .

2- الاصغاء الفعال، طور مهارتك في الاستماع لما يقوله أطفالك.

 الاصغاء يعني أن تستمع لما يقوله الطفل بدون أن تفكر فيما يجب أن يكون عليه ردك، وتعني أيضا ملاحظة لغة جسده وما تعكسه من ايحاءات، وقد يتطلب الأمر أن تنزل على ركبتيك لتكون بمستوى الطفل وتنظر في عينيه،  فكلما شعر أنه مسموع كلما شعر بالحب، وكلما تحدث الطفل حفزه لمتابعة الحديث عن طريق طرح أسئلة بسيطة، مثل:  ماذا حدث بعد ذلك؟ ، وكيف شعرت حينها ؟ فذلك يظهر له كم أنت مهتم بالتفاصيل الصغيرة.

3- الذكاء العاطفي، أن تدير المشاعر وتتصرف بحكمة .

الذكاء العاطفي يعني أن تتصرف بحكمة وهدوء في الأوقات الصعبة، فعندما تفقد اللطف في التعامل مع الآخرين أمام أطفالك فانك تهيء الفرصة لزرع الخوف في نفوسم، حتى وان كنت تتشاجر مع موظف بدالة، أوعامل غسيل السيارة، ففي أي وقت تفقد فيه السيطرة على أعصابك وتبدأ بالشجار مع الآخرين فأنت توصل رسالة للأطفال مفادها أن هذه هي الطريقة التي نتصرف بها في مثل هذه المواقف ونتعامل بها مع الناس وعلى العكس تماما فإن تعاملك بهدوء في الأوقات الصعبة يعطي للأطفال خبرة ثمينة حول معنى الذكاء العاطفي وكيفية ممارسته.

 

 4- النمذجة، أن تكون النموذج المناسب لشخص جيد.

أنت النموذج لأطفالك، ضع قواعد واضحة للأسرة والتزم بها، لاتفعل أي شيء أمام أطفالك لا ترغب أن يقوموا به، وبما أنه لا يوجد انسان كامل ومنزه عن الأخطاء فمن الأفضل أن تستثمر المواقف التي  ترتكب فيها بعض الأخطاء لتستخلص الدروس وتكون نموذجا جيدا، وفي هذه الحالة عليك أن تكون واضحا ومن الممكن أن تقول أنا مخطئ فنحن نخطئ جميعا وهذا سيكون درسا للأطفال للاعتراف بالخطأ ويعطيهم الأمان الكافي للتحدث عن أخطائهم وطلب المساعدة لحلها.

6- التربية الالكترونية، تعامل مع الفضاء الالكتروني بحكمة.

الاتفاقيات من أهم الوسائل التربوية، تعلم كيف تضع الاتفاقيات المناسبة للتعامل مع استخدام الأجهزة الالكترونية وهذا يشمل تحديد العمر المناسب لاستخدام الاجهزة والبرامج والألعاب ويشمل أيضا الوقت االمسموح لكل مرحلة عمرية، من المهم أيضا أن تدرب أطفالك على الاستخدام الآمن للانترنت وتعلمهم كيف يحافظون على الخصوصية ، عليك أن تحرص أن يتضمن الاتفاق تحديدا للاجراءات التي ستتخذها في حال مخالفة الاتفاق .

7- التربية الجنسية، تهيئة الأطفال لمرحلة البلوغ والتحدث في الأمور الخاصة.

كن المرجع الأول لأطفالك، تعلم كيف تتقبل الأسئلة الصعبة التي يفاجئك بها الأطفال حول الأمور التي تخص البالغين، بل واشكرهم لأنهم رجعوا لك وليس لشخص آخر وتعلم كيف تجيب على هذا النوع من الأسئلة، واذا لم تكن تعرف بماذا تجيب في نفس وقت السؤال اطلب من الطفل وقتا للبحث عن اجابة مناسبة وقدم له المعلومات بما يتناسب مع عمره، فاذا لم نقم بتعليم أولادنا فسوف يقوم أحد آخر بذلك، وبالتالي سوف نعيش مع النتائج (التي تكون وخيمة غالبا) .

 

وفي الختام يمكننا أن ننظر إلى الوالدية كرحلة تعلم، فنحن نتعلم مع أولادنا مرحلة بعد مرحلة ويوما بيوم ودقيقة بدقيقة، فالأطفال يكبرون وحاجاتهم النمائية تتغير وهذا يتطلب بدوره تغييرا في أساليب التعامل معهم، واذا كانت التكنولوجيا الحديثة قد ضاعفت التحديات أمامنا في التنشئة الأسرية إلا أنها في الجانب الآخر سهلت الحصول على المعلومات والمعارف بصورها المتعددة ولم يعد أمامنا سوى أن نقبل التحدي لنكون الآباء والأمهات الجدد للجيل الجديد وذلك عن طريق القراءة، والاطلاع، والممارسة، واستشارة ذوي الاختصاص.


--------

المــــــــــــــــــراجـــع

  • العادات السبع للأسر الأكثر فعالية / ستيفن كوفي
  • مشكلات الأطفال والمراهقين وأساليب المساعدة فيها / شارلز شيفر –هوارد ميلمان
  • عددد من المقالات باللغة الانجليزية :

7 Ways to Improve Your Parenting Skills

https://www.verywellfamily.com/improve-your-parenting-skills-3545045

Facebook Chat: Raising Teens in the Digital Age

Screen Addiction Is Taking a Toll on Children

https://well.blogs.nytimes.com/2015/07/06/screen-addiction-is-taking-a-toll-on-children/