لم يهدأ بالي حتى ألبي نداء الوطن

الكاتب: غير معروف
عن الكاتب: -
التصنيف: غير مصنف

الكاتبة: د. صابرين يعقوب

طبيبة عائلة - مركز انجنير الصحي 

منذ اعلان مملكة البحرين اول حالة إصابة ب COVID-19 على اراضيها، لم يهدأ لي بال حتى تم استدعائي لألبي نداء الوطن فكان لي الشرف العظيم لخدمة وطني وكان أولها الانضمام إلى الوحدات المتنقلة التي أطلقتها وزارة الصحة في شهر مارس ٢٠٢٠ لغرض متابعة المواطنين العائدين من الخارج خلال شهري فبراير ومارس وذلك لفحصهم في مناطق سكنهم للتأكد من خلوهم من المرض. حيث استمرت هذي الحملة ما يقارب ال٣ شهور حيث كنا ننطلق من مركز انجنير بمدينة عيسى من الصباح الباكر وكانت تنتهي في فترة المساء بمعدل ١٢ ساعة يوميا.

ولا أنسى كمية الحماس لدى أعضاء الفريق ووصولهم قبل الوقت، وكان أعلان أسماء المشاركين في الوحدة يوميا بمثابة السباق لكل واحد منا فكل واحد منا يريد المواصلة في العمل والحصول على هذا الشرف العظيم. ولا أنسى كمية الترحيب التي ألقاها من الناس حيث كانوا في قمة السعادة بوجودنا وتواصلنا معهم، كم كان جميلا ان نكون على مقربة منهم ولو ان خطر الإصابة موجود ولكن السعادة العارمة ونحن نؤدي هذا الدور كانت الأكبر وهي التي كانت تحركنا بحيث يمضي الوقت سريعا ولا أشعر به الا عند اتصال سعادة الوكيلة السابقة الدكتورة منال العلوي تخبرني بالاكتفاء والعودة الى الموقع.
 

وفي يوم تلقيت اتصال هاتفي من الدكتورة هالة الجاسم رئيس الخدمات الطبية بالرعاية الصحية الأولية سابقا تخبرني بانة تم اختياري لأكون من ضمن فريق الاجلاء التي اعلنتها حكومة البحرين الموقرة والتي تضمنت عودة جميع المواطنين العالقين خارج البحرين والذين تقطعت بهم سبل العودة إلى أرض الوطن، وكم كنت في غاية السعادة كوني جزء من هذه الحملة.

تم تقسيمنا إلى مجموعات من شخصين (طبيب وممرض) كل مجموعة تغطي جزء من الحملة في مطار البحرين الدولي بمعدل ١٢ ساعة يوميا وأحيانا أكثر من ذلك، حيث نقوم باستقبال المسافرين وأخذت المسحة لهم ثم تقسيمهم إلى مجموعتين، المجموعة الأولى والتي تحمل الأعراض المرضية ويتم تحويلهم إلى المستشفيات والمجموعة الثانية التي لا يوجد بها اعراض حيث يتم وضعهم في خيام مجهزة الى ان تظهر نتائج فحصهم بعد حوالي ٧ ساعات ثم يتم نقلهم بعد ذلك إلى أماكن العزل المخصصة كل حسب نتيجته.

واجهت الكثير من المواقف الصعبة في هذه الفترة خصوصا وقت اعلان النتائج وعزل الأشخاص ذوو النتيجة الإيجابية عن الأشخاص بالنتيجة السلبية، وكم هو محزن فصل الأم عن أبنائها ففي مرة من المرات، وعند اعلان النتائج كانت نتيجة الام إيجابية وكان يتوجب فصلها عن ابنتها ذات الخمس أعوام كم كان الموقف مؤثرا حيث جلست الام داخل الغرفة المخصصة عن الباب الزجاجي وابنتها بالخارج تبكي بحرقة تحاول الدخول الى الأم ونحن نحاول تهدئتها. وكان من عادة الفريق جلب الألعاب للأطفال كي يتسلوا بها اثناء الانتظار فرؤية الفرحة في عيون الأطفال كان لها وقع خاص في تلك الفترة.

ومن أكثر المواقف صعوبة وألم أنني طيلة هذه الفترة لم يتسنى لي رؤية والداي خوفا عليهم من ان أكون ناقلا للفايروس، وكم كان صعبا مروري الى منزل والداي ورؤية أمي وأبي من باب المنزل وانا في السيارة لا أستطيع النزول لكي أحضنهما، أمي وأبي انا فخورة كونكما ربيتماني الى ان وصلت الى هذه المرحلة ولأنكما غرستما حس الوطنية في منذ نشأتي.