المهارات الحياتية

الكاتب: حنان السيد هاشم
عن الكاتب: باحثة اجتماعية
التصنيف: غير مصنف

" المهارة هي واحدة من أهم ممتلكاتنا" كما قال إدوارد تي-هول، إن هذه المقولة كانت الحافز لنشر التوعية حول مفهوم المهارات الحياتية من حيث التعريف والأهداف والأهمية وتجارب المنظمات العالمية حول هذا المفهوم والتطرق لكيفية لاكتسابها بشكل عام.

فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية (WHO,1993) أن المهارات الحياتية هي القدرة على السلوك الإيجابي المناسب الذي يمكّن الإنسان من التعامل بفعالية مع متطلبات وتحديات الحياة اليومية، حيث يسهِل تعلم المهارات الحياتية ممارسة وتعزيز المهارات النفسية والاجتماعية بطريقة ملائمة ثقافيا ً وتنمويا ً بل يساهم في تعزيز الشخصية ويقلل المشاكل الاجتماعية والصحية للإنسان.

وتعرّفها المؤسسة العالمية للمهارات الحياتية (1993) أنها أنماط سلوك تمكّن الإنسان من تحمل المسئولية بشكل أكبر بما يتصل بحياته من خلال القيام باختيارات حياتية صحية أو اكتساب قدرة أكبر على مقاومة الضغوط السلبية.

وعموماً يمكن أن تعرّف بأنها مجموعة الأداءات والسلوكيات والتصرفات والأعمال التي يقوم بها الإنسان والمرتبطة بالبيئة التي يعيش فيها، وتمكّنه من التكيف الايجابي مع محيطه والتأثير فيه، وتجعله قادرا على التعامل بفعالية مع متطلبات الحياة اليومية، وتحقيق الرضا النفسي، وبناء المشاعر الطيبة عن الذات.

وقد أجريت العديد من التجارب العالمية حول المهارات الحياتية نذكر منها تجربة منظمة الصحة العالمية- اليونيسيف في الفترة (2001-2002) حيث قامت بدراسة تهدف إلى اكتشاف ووصف ما تقوم به المؤسسات المعنية في مختلف مناطق العالم من أجل تفعيل المهارات الحياتية، وقد شارك في الاستطلاع خمسون جهة على النحو الآتي (20 من الوزارات الحكومية و16 من منظمات الأمم المتحدة و8 من المنظمات غير الحكومية و6 أخرى)، وبينت النتائج أن أهم المهارات الحياتية التي تكرر طرحها  تمثلت في: (التعامل مع الضغط ومشاعر التوتر / مهارات التواصل الفعال/ مهارات العلاقات الشخصية / مهارات صنع القرارات / حل المشكلات / تقييم الذات وتقييم الأخطار / التفكير الناقد / السلامة في المنزل والمدرسة / السلامة الشخصية / حل الصراع / تحديد الأهداف / الدعم).  

أما أهمية اكتساب المهارات الحياتية فيمكن إيجازها في عدة اعتبارات تتلخص فيما يأتي:

  • تساعد المهارات الحياتية الإنسان في إدارة استجابته المتمثلة في المواجهة الايجابية الفعالة لمختلف التحديات الحياتية بحيث يستثمربحكمة كافة الموارد المتاحة.
  • ممارسة المهارات الحياتية تبصر الإنسان بقدراته وموارده المادية والمعنوية التي يمتلكها سواء في ذاته أو البيئة المحيطة به.
  • المهارات الحياتية كثيرة ومتنوعة ومتنامية ومرتبطة بكل جوانب حياة الإنسان المادية والمعنوية ومحطاته الحياتية أو مراحله العمرية.
  • الاستمرار في ممارسة المهارات الحياتية وتطويرها بشكل ممنهج يشعر الإنسان بالإنجاز والفخر بنفسه، مما يعزز ثقته الذاتية ويرفع الدافعية لديه للتعلم واكتساب الخبرة.
  • تعد المهارات الحياتية أحد المعايير الأساسية لقياس مدى نجاح الإنسان وقدرته على التطور بمواكبة التغيرات الحياتية المتعددة والمتنوعة.
  • تربط المهارات الحياتية الإنسان بالعلم والعمل سويا ً بشكل متوازي، إذ لابد للإنسان من التزود بالمعارف والعلوم كخطوة أساسية من خطوات اكتساب المهارات الحياتية.

ولأننا بحاجة لتطوير مهاراتنا الحياتية بشكل دائم فلابد أن ننطلق من نقطة البداية ونتعرف على كيفية اكتساب المهارة وتنميتها وتطويرها من خلال هذه الخطوات:

  1. التعرف على المهارة وتحديدها، فالخطوة الأولى دائمًا تبدأ بتحديد ما تريد اكتسابه من مهارات، فنحدد ما نحن بحاجه إليه، ثم نختار إحدى المهارات وفقًا لأهميتها، ونقوم بالتركيز عليها.
  2. حدد هدفًا ومستوى معين تريد أن تصل إليه، أسأل نفسك أولًا؛ لماذا أريد اكتساب هذه المهارة؟ وكيف أستفيد منها؟ وما الهدف من اكتسابها وتعلمها؟ وبعد ذلك حدد المستوى الذي تريد أن تصل إليه، مع تحديد الفترة الزمنية التي ستستغرقها للوصول لهذا المستوى، وتحقيق الهدف المنشود.
  3. ضع خطتك الزمنية، أحضر ورقة وقلمًا، ارسم جدولًا، قسمه كما تريد، ثم اكتب الفترة الزمنية التي قد حددتها، مُقَابِل للمستويات المراد تخطيها لاكتساب المهارة. حدد الأيام التي تقوم فيها بعملية التعلم، وحدد الوقت المخصص لكل مستوى.
  4. قَسِّم المهارة إلى أجزاء، فعملية التقسيم تسهل عليك الأمر دائمًا، تدفعك إلى الشغف في عملية التعلم والبحث عن الجزء التالي. لذلك قم بتقسيم المهارة التي تريد اكتسابها إلى عدة أجزاء، أو إلى عدة مهارات صغرى عندما تجتمع تكوّن المهارة الكبرى. كالكتاب أو المحتوى التعليمي الذي يكون مكونًا من أبواب وفصول، أو يكون المحتوى التعليمي مقسمًا إلى محاضرات ودروس، هذا يجعل عملية التعلم أسهل وأكثر نفعًا.
  5. البحث المستمر، إذ لا بد من الاطلاع الدائم على كل ما يخص المهارة المراد تعلمها، ومعرفة كل جديد عنها، والبحث الدائم عن المزيد من الطرق التي يمكننا استغلالها للتعلم واكتساب هذه المهارة، والبحث عن المحتويات العلمية التي تشرح المهارات المختلفة، أو الأبحاث العلمية حول تلك المهارة وكيفية استخدامها وتحديثها إلى الأفضل دائمًا.
  6. التحفيز الدائم، من العناصر الهامة جدًا في شتى عمليات التعلم هو التحفيز. لا بد من توفر التحفيز حتى تحقق نتائج ملموسة، وتقدم ملحوظ. ضع الهدف نُصب عينيك، ثم اسعَ وراء تحقيقه وتجنب التكاسل عنه.
  7. الممارسة والتكرار، يعتمد تعَلم اللغات، واكتساب المهارات بشكل خاص جدًا على التكرار والممارسة، لذا نجد أن عملية التكرار هي أهم مرحلة من مراحل التعلم، فالتكرار يجعلك قادراً على الاحتفاظ بالمعلومات لوقت أطول، ويعمل على بث روح التعلم والمثابرة، حيث يمنحك القدرة على الممارسة، التي يكون نتاجها الثقة بالنفس ومن ثم سرعة التعلم واكتساب المهارة.
  8. إدراك التقدم، ينقسم إدراك التقدم إلى الإدراك الحسّي والحركي، فعند الشعور بما يحدث في شخصياتنا من تغيرات إيجابية خلال عملية التعلم واكتساب المهارة، وإدراك ما تم اكتسابه من هذه المهارة يسمى هذا بالإدراك الحسي للتقدم في عملية التعلم. أما الإدراك الحركي فيتم بالانتباه إلى حركات أجسادنا في المهارة التي نتعلمها. فعند اكتساب مهارة كالقراءة السريعة مثلًا لا بد من تسخير العين مع العقل حتى يتم التناسق بين عمليتي القراءة والفهم، وعند التعود على هذا الفعل المنظم، نكون قد أدركنا تقدمنا الحركي في اكتساب المهارة المحددة.
  9. تحدث إلى الممارسين لضبط توقعاتك، واحصل على تقييم من شخص متقن للمهارة المراد اكتسابها، بأن تطلب منه أن يقيمك بين الخطوة والخطوة مما يجعلك تتطور بشكل أسرع.
  10. تخلص من المشتتات في بيئتك، فكلما قل عدد المشتيتات التي تتعرض لها أثناء عملية التدريب، كلما زادت سرعتك في اكتساب المهارة وأصبحت أكثر تركيز.
  11. كافئ نفسك، بعد أن تدرك وتلاحظ تقدمك في اكتساب المهارة، فأنت تستحق المكافأة حقًا. فقط كافئ نفسك كما تُحب، واسترخِ قليلًا، وخذ قسطًا من الراحة، حتى تستطيع إتمام طريق التعلم، واجتياز الهدف المنشود في الوقت المحدد.
  12. علّم المهارة لمن حولك، تعتبر هذه من أهم الخطوات التي تساعدك على اتقانها بشكل تام.

 في الختام وكما قال ابراهيم الفقي رحمه الله " الحكمة أن تعرف ما الذي تفعله، والمهارة أن تعرف كيف تفعله، والنجاح هو أن تفعله" وهو ما أكده جورج هربرت في قوله " الثقة بالنفس والمهارة.. جيش لا يقهر"، وفي الختام نؤكد أن المهارات الحياتية مهمة بالنسبة للإنسان فهي تحقق له التكيف مع ذاته ومع الآخرين، والنجاح في الحياة.

المراجع:

  1. ناصر الدين ابراهيم أبو حماد: "المهارات الحياتية - الشخصية-الاجتماعية-المعرفية"،  دار الميسرة للنشر، الطبعة الأولى، 2017.
  2. مقال كيف تكتسب مهارة جديدة؟ للكاتب محمد الجاويش بموقع ساسة الالكتروني www.sasapost.com  ) بتصرف).
  3. .مقال المبادئ العشر للتعلم الفعال، موقع أي كيف الالكتروني www.bookpdf1.com